القائمة الرئيسية

الصفحات

 




هو " شخص تجاهله التاريخ الإسلامي ومجده الغرب " الجملة الرنانة التي من المؤكد انك ستسمعها عند ذكر ذاك الشخص .
هو أبو الحسن علي بن نافع، كان أحد موالي الخليفة العباسي المهدي، أما سبب اللقب فاختلفت أسبابه بعضهم غزاه  إلى سواد لونه وفصاحة لسانه وعذوبة صوته مما دفع البعض بمناداته بـ الزرياب تشبيهاً له بطائر الزرياب الأسود اللون والعذب الصوت.


زرياب شخص عبقري في مجال الموسيقى والغناء و 
 شاعراً مُجيداً ومثقفا ملما بالوان مختلفه من المعارف والآداب (كان رجل موسوعي بمعني الكلمة) وكان عالم بعلوم الفلك والنجوم والجغرافيا والتاريخ والكيمياء . كان طموحا يسعى للحصول على المجد والشهره والمال
وصفه استاذه اسحق بأنه ""لا يرى في الدنيا من يعدله " فهذا احد الأسباب في تنقله من مدينة لاخرى قاصدا الملوك والأمراء عارضا عليهم مهاراته في الغناء وعلمه بالأمم والأخبار . فهذا احد أسباب خروجه من بغداد من البلاط العباسي الى البلاط الأموي الذي وجد فيه الترحاب والدعم وأصبح “قاضي الأناقة” للخليفة.. 
بداية وبعد مأدبة العشاء القوطية التي قدمها له الخليفة عبدالرحمن الثاني في البلاط الأموي بعد استقبالة لثلاثة أيام في قرطبة و التي كانت بمثابة الصدمة له كيف قدم الطعام بطريقة همجية كونه فنانًا للحياة وسيدًا لعادات الأكل الشرقية المُرهفة وآداب المائدة النبيلة, دَونَ باهتمام هذا الحدث وحاول الحصول على فكرة عن عادات الأندلس. حيث كان هناك فرق كبير بين العادات في الشرق مثل بغداد وسامراء وتلك الموجودة في قُرطُبة
فعزم زرياب على تغيير الحياة في الأندلس لتصل لاعلى درجات الرقي والأناقة والأدب بما يسمى اليوم بـ " الأتيكيت " فابتكر نظام الثلاث وجبات وجعل لتقديم المائدة نظاما دقيقا يبدا بتقديم الشوربة والمقبلات أولاً وبعدها يأتي الدور على الوجبة الرئيسة كاللحم والسمك والطيور وغيرها ليليها في النهاية الحلوى والفواكه والمكسرات. كما علم الناس استخدام الملاعق والسكاكين لتقطيع الطعام وتناوله، بدلاً من استخدام الأيدي .
واستبدل آنية المعدن بأواني الزجاج الأكثر اناقة ونظافة وأظهر لسادات قرطبة ان بوجود كأس شراب زجاجي صغير في متناول اليد يبدو المرء أكثر أناقة من أن يحمل جرة ثقيلة مصنوعة من الذهب أو الفضة  وعلم الناس فنون الكلام والحوار، وآداب الحديث، ونبرة الصوت مثلما يتحدث ويتسامر أهل القصور، وصفوة القوم في بغداد فسموه بـ ( معلم الناس المروءه )
وأضاف الى موائدهم العديد من الأصناف الشرقية والوصفات المبتكرة واليه ينسب العديد من الأطباق الشرقية مثل (السنبوسك - القطايف - الزلابية حيث سميت الزلابية نسبة إليه (زرياب) حيث سماها (زريابية) ثم خففوها إلى زلابية لخفة النطق، بالإضافة لأصناف كثيرة من الطعام لم يعرفها أهل الأندلس.





وكان زرياب إنساناً منظماً للغاية يأكل مستقيماً وبجواره مناديل كثيرة احدها لمسح اليدين وآخر للفم ولا يخلط بينها، وهو من اقترح علي النساء استخدام مناديل ملونة ومعطرة ، وكان يأكل الطعام بهدوء ودون صوت واستنكر علي الناس لف الطعام في ناحية من الفم و الخلط بين الأكل والشرب .  
وبفضل زرياب ظهر الاهتمام في قُرطُبةِ بالشَعَر والعناية بالأظافر ونعومة البشرة. أيضا يذكر له انه اختراع أول معجون الأسنان، الذي شاع في جميع أنحاء الأندلس. لا تعرف حاليًا مكونات هذا المعجون على وجه الدقة، لكن قيل أنه حقق على حد سواء "الوظيفية والطعم الجيد" , وابتكر “شامبو” لتنظيف الشعر مكوناً من ماء الورد والملح
ادخل الأقمشة وكيفية صباغتها بأزهى الألوان وكيفية اختيار الأقمشة والألوان . فهو أول واحد شخص اوجد فكرة ان يكون هنالك ملابس للنهار و ملابس للمساء و وضع تفاصيل لملابس الفصول الأربعة بحيث تجعل الشخص مرتاح مع تقلبات المناخ.
علمهم كيفية عمل بوكيه الورد، وتنسيق الزهور في الحفلات الملكية  فقد اظهر احترافية عالية في الموائد الملكية بدء بالإعداد لها الى التنسيق والتقديم .


كان زرياب مهتما باللهو والتسليه بشكل واضح لقربه من الخليفه وحرصه على تقديم كل ما يقربه اليه فقد ادخل القصص والحكايات والحكواتي في البلاط الأموي كما ارسلهم الى المقاهي والمجالس لتسلية الناس وتثقيفهم .وهو من ادخل لعبة الشطرنج الى الأندلس حيث لم تكن معروفه قبله وكذالك البولو.
لكن جهوده الكبيرة كانت في مجال الموسيقى اكثر مما حقق انتشار واسع للألحان العربية سمي بعد ذالك بالغناء او الفن الأندلسي  فقد أدخل تحسينات عديدة على آلة العود، فجعلها أخَف وزناً، وأستخدم في صناعة أوتاره مواداً ، وكذلك قام بإضافة الوتر الخامس إلى العود والذي رأى فيه زرياب ضرورةً استكمالاً لمجموعة النغمات والأصوات التي كانت تخرج من العود ولزيادة الحرية في أداء القطع الصوتية والألحان المختلفة .





ثم ان زرياب شاعرا مجيدا رقيقا مرهفا  ومن شعره هذه الأبيات:
علقتهــا ريحانــة هيفاء عاطرة نضيــرة
بين السمينة والهزيلـة والطويلة والقصيـــرة
للــه أيــام لنــا سلفت على دير المطيـرة
لا عيـب فيها للمتيـم غير أن كانت قصيــرة
هذا ما فعله زرياب في وقت مبكر جداً من التاريخ، وقبل أن تعرف أوروبا الموضة وأنواع الثياب والزينة، وحين كانت “بغداد” هي باريس الجمال والأناقة والرفاهية في وقتها قبل سقوطها .
لزرياب تأثير كبيرا عميقا في التاريخ الإسلامي بشكل عام والأندلسي بشكل خاص فقد أثر في الناس بأن جعل جل اهتمامهم هو الغناء واللهو والتأنق في الملبس والمأكل مما جعله هذا كله فتنة افتتن بها وشغُلوا بالدنيا وأهملوا خطر الأعداء و قيل ان زرياب بحق أحد اكبر الأسباب في سقوط الأندلس .
٠٠ 

تعليقات